لم ينجو قطاع الأحداث المنحرفين من ويلات الحرب، فأُغلق مركز الملاحظة في الوروار، ومعهد الإصلاح في اليرزة، ومنزل الجميّزة في بيروت وهو الذي كان يستقبل الأحداث فور خروجهم من معهد الإصلاح بهدف تحضيرهم للإنخراط مجدداً في المجتمع.
وانكفأ الجميع في مركز الفنار مع عدد قليل من العاملين. ولم تيأس السيدة ميراي خديج التي واكبت الأحداث المنحرفين خلال ٤۵ سنة من حياتها المهنية. ولم تتخلّى يوماً عن مواظبتها على العمل مع الأحداث ومن أجلهم، رغم الصعوبات والمعوّقات وقلة الموارد وضعف الإمكانيّات البشرية والأوضاع الأمنية المتردية. وكما قالت: “التحديّات كانت كثيرة لكننا رغم الصعوبات وقلّة عددنا وتواضع إمكاناتنا حافظنا على نوعية عملنا… ولعل أجمل مكافأة كانت عندما قال لي أحد الصبية لدى مغادرته المركز: سوف أعود لزيارتك، فلو تعرّفت عليك خلال طفولتي لما كنت تعرّضت لما تعرّضت له ولما انزلقت في أعمال كالتي قُمت بها. كُنتِ خشبة خلاصي.” لقد جسّدت هذه العاملة الإجتماعية الإلتزام والتضحية في قضية آمنت بها وعملت لها بصمت وتواضع وثبات.
1. تجربة من خلال مركز حماية الأمومة والطفولة – حيّ الكرنتينا
تُظهر لنا هذه التجربة أن الإلتزام المهني كان أهمّ من الإنتماءات المناطقية والطائفية وأكبر من المخاوف والمخاطر.